الأربعاء، 6 نوفمبر 2013

كلنا يا بني البشر "أولاد مرة ورِجّال"؛ لا؟

تصوير: هانية عسود؛ جبيل، بيروت
هانيــة عَســـوَد

صارلي فترة مش بفوت ع تويتر كتير.  وبالعادة بفوت أغلب الوقت من التلفون برمي أشياء بتّطق ببالي كل شي أكم من يوم، ولهيك ما بشوف شو موجود.  بس قبل يومين إجى ع بالي أفوت أشوف شوية أخبار وقصص على لسان المغردين.  وبعد شي ربع ساعة مثلاً من القراءة، حسيت حالي مزعوجة جداً من كمية الناس اللي مكررة مصطلح "أولاد المرة" و/أو "إبن مرة"؛ هدا طبعاً غير الناس اللي مكررة "إبن الوسخة" و/أو "أولاد الوسخة" والناس اللي مكررين "... أخته و/أو أمه" "وإبن الـ ...كة" وغيرهم كتير. طيب غيروا شوية؟ التنويع برضه ما بيضر. 
وعلى فكرة، مش بس شباب، لأ، وصبايا كمان وماشي كلنا بنوقع بهالقصه.

وبصراحة بديش أنظّر ولا أفلسف الموضوع أكتر من اللزوم.  ومش ببالي هلا أفوت بكل قصة إنه أغلب الشتايم والمسبات المعروفة والمتداوله مرتبطة بالمرأة، وهالشيء مش بس بمنطقتنا، لا بكل مكان بالعالم.  ولا حابة أوجع راسي وراسكم بفكرة إعتبار أكبر إهانة يمكن توجيهها لأي شخص بشكل مباشر- بحال الرجل - هي إهانة نساء من عائلته، - وبحال المرأة – هي التشكيك "بشرفها" (بالمفهوم التقليدي والضيق) وكإنه كل القيم الأخرى بالحياة ما إلها أي قيمه مقابل قيمه "الشرف" اللي مرتبطة فقط بالمرأة؛ وكأنه الرجل - للأسف - ما عنده شيء بيربطه بقيمة ومفهوم "الشرف" غير النساء اللي بعيلته. 

بس مش قادرة أبلع الشتيمة الأولى -"أولاد المرة"- واللي أكيد مش بسمعها لأول مرة، وبجد ضايقني كثير كمّ إستخدامها وتكرارها من ناس بحبهم أو بحترمهم وأكيد ناس تانية كتيرة ما بعرفهم.  ومن وقتها وأنا عم بحاول بس أفهم ليش.  ولسة مش قادرة أفهم.  إنه على أي أساس وكيف ممكن تتحول كلمة "مرة - إمرأة" من "إسم تأنيث" لـ "صفة" معيبة وبالتالي بتصير كلمة نابية وشتيمة للست أو للمرأة!  وبعدين بالآخر وبصراحة ومن غير زعل، كلنا يا بني البشر "أولاد مرة ورِجّال"، فشو يعني؟

من مدة إنفتح هالموضوع مع أصدقاء إلي بمصر، من الصعيد وبحري والقاهرة.  واللي فهتمه –وياريت حد يصححني لو غلطانه- إنه في الصعيد كلمه "مرة" لا تعني شيء سيء أو معيب، وبالعكس في أمثله شعبية لطيفه بتصف المرأة "بالمرة."  وإنه إستخدام كلمة "مرة" ككلمة نابية ومسيئة أو كشتيمة هي أكتر في القاهرة وبحري.  تاني، يا ريت لو غلطانه حد يصححني.  بس لو مش غلطانه، هالشيء بيطرح براسي سؤال؛ هل إستخدام كلمة "مرة" كشيء معيب وشتيمة ببحري والقاهرة مرتبط بفترة ما ببداية كشف المرأة "لعوراتها" وخروجها للعمل ودخولها مجال الفن والثقافة مثلاً!! مقابل إنه في الصعيد، وإن كان هناك العديد من النساء اللي خرجوا وإشتغلوا وأبدعوا في مجالات كتير بس بالآخر همه لوقت طويل كانوا بيكشفوا عوراتهم خارج  الصعيد؟ 
في دول تانية بالمنطقة وتحديداً في بلاد الشام، إستخدام كلمة "مرة" ممكن يبقى لإبداء إعجاب كبير أو لوصفها بإنها "جدعه" و/أو "قد حالها."  وفي فلسطين على سبيل المثال وبوقت ما، حسب ذاكرتي، إستخدام كلمة "إبن إمه" و "راضع من مرة" كان بيعني (أو يمكن لهلا بيعني) إنه "قد حاله" و "جدع."  واليوم بس عرفت من صديق إنه بالأردن كلمة "إبن إمه" و "ترباية مرة" تستخدم للتقليل من رجولة الشخص أو من ضعف شخصيته.

من زاوية تانية تماماً، للحظات إجت براسي فكرة إنه برضه ممكن هالمسبة تبقى مرتبطة بأهمية دور المرأة بتربية أطفالها وتأثيرها عليهم لحتى يكبروا.  وبالتالي، في حال تصنيف شخص بإنه "سيء"، بيتم ربط هالشيء بـ "أداء والدته السيء" بتربايته.  بس لو هيك، يبقى لازم نتوقع إنه نفس الناس اللي بتستخدمها لإهانته وإهانه أمه، بحال العكس، إنهم يستخدموا نفس المقولة بوصف إيجابي؛ ولا لأ؟

عموماً، يمكن الموضوع يبقى بس مرتبط بتفاصيل كثيرة بالعلاقة مع ثقافات الدول والناس بأوقات معنيه، وبحترم جداً.  لكن حتى بهيك حال، الثقافة اللي ممكن تبقى حقيقي مسيئة وبتشوه وبتناقض قيم وأخلاقيات كتيرة بنحاول إننا نلاقيلها فرص ومساحات حقيقية لنثبّتها على أرض الواقع بالوقت اللي إحنا عايشين فيه، المفروض إننا نحاول على قد ما بنقدر نبقى شوية أوعى وإننا ما نساهم بتكريسها وتعزيزها من خلال تكريرها سواءاً للمزح أو لأذية آخرين إحنا بنختلف معهم. 

الثقافة مش شيء خارج عنّا، ولا شيء منزّل ما فينا نغيره؛ الثقافة هي من صنيعنا إحنا.  واللغة سلاح وقوة وأهم شكل للتعبير عن الرأي وللتأثير بالآخرين ولبناء الوعي؛ اللغة والمصطلحات اللي بنكررها وبنركز عليها، هي أحد أهم ركائز أي ثقافة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق